بدأ قبل ايام عرض فيلم "تيمور وشفيقة" في دور السينما المصرية وسط اقبال كبير رغم التحفظات الشديدة عليه لانه يعرض لقصة حب تنتصر فيها الرؤية المحافظة في علاقة الرجل بالمرأة.
واثار الفيلم وهو الاول للمخرج خالد مرعي احتجاجات عدد كبير من الفتيات المحجبات والسافرات على حد سواء لما يحمله من منطق ذكوري في عرضه للعلاقة بين الرجل والمرأة.
وقالت سمر سعد طالبة الدراسات العليا في كلية الاعلام في القاهرة لفرانس برس "شعرت بالاختناق من المنطق الذي يستند اليه الفيلم ولولا وجودي مع عدد من الاصدقاء لكنت غادرت القاعة قبل انتهائه".
وتكمل صديقتها شيماء محمد في الاطار نفسه قائلة "الفيلم جيد فنيا (...) الا ان دعوته للارتداد على حقوق المرأة تفقده مصداقيته بالنسبة للنساء".
وتابعت "ان هذه الحقوق مكنت المرأة من الخروج الى العمل والاستقلال في قرارها والكشف عن كفاءاتها في العمل رغم الظروف المحبطة الان في مصر المعرقلة لحرية المراة".
ورأت ان "توجهات الفيلم تأتي في سياق مغاير للاتجاه العام للسينما المصرية في دعم حرية المراة" مشيرة الى فيلم "مراتي مدير عام" في اوائل الستينات "الذي لعب دورا مهما في تعيين اول وزيرة في مصر عبر دعوته لحرية المرأة ودعمه لاتخاذها موقعها في مجال العمل وفي المجتمع".
وتبدي سمر امتعاضها من التعليقات التي كانت تصدر عن بعض الشبان خلال عرض الفيلم والتي تعبر حسب رأيها عن "تشنج ذكوري" يبحث على الدوام "عن انتصار للرجل على حساب المرأة" مشيرة الى "ان الكثير من الشبان حاليا بات يشترط للزواج من الفتاة ان تتوقف عن العمل".
وتكشف المشاهد الاولى من الفيلم من تأليف تامر حبيب عن مظاهر هذا الصراع عندما يبدأ بطل الفيلم تيمور الذي يقوم بدوره احمد السقا برواية علاقته وحبه لبنت الجيران شفيقة (منى زكي) منذ لحظة ولادتها بعده بثلاث سنوات.
ومن بين ما يرويه ان قرارات والده كانت تفرض نفسها على الام من خلال تنفيذ طلبه وهو طفل بشراء بزة ضابط له لننتقل مباشرة بعدها الى وصول الفتاة الى الجامعة والرجل الى كلية الشرطة.
ويحاول تيمور المتيم بشفيقة قبل زواجه منها ان يفرض نفسه عليها فهو يتدخل في طريقة لبسها واختيار اصدقائها ويشترط عليها عدم العمل بعد تخرجها الى جانب عدم السماح لها بقضاء اجازتها مع صديقاتها.
ويصل التصاعد الدرامي في الفيلم الى نقطة مفصلية عندما يرفض تيمور طلب شفيقة الخروج مع صديقاتها في اجازة رغم انشغاله في العمل فتقرر الذهاب من دون علمه ليلتقيا صدفة على شاطئ البحر حيث كان يقوم بعمله في حراسة ابن احد الوزراء.
عندها يختلفان وينفصلان وتحصل شفيقة على رسالة الدكتوراه قبل ان تعين وزيرة للبيئة فتختار حبيبها الغاضب رئيسا لطاقم حراستها.
واذا كان سياق الاحداث يأخذ طابعا كوميديا من خلال الاحتكاك اليومي بينهما فانه يعود ويسلك منحى دراميا عندما يرافق تيمور الوزيرة شفيقة الى مؤتمر لوزراء البيئة في اوكرانيا حيث يتم اختطافها مع عدد من الوزراء على ايدي مجموعة من مهربي المخدرات يريدون الافراج عن زعيمهم المعتقل.
ويتدخل البطل ويتمكن من انقاذ حبيبته الوزيرة ويقضي على افراد العصابة وسط مشاهد من اثارة تبرز قوته واستعداده للموت لانقاذها من ايدي المجموعة الاجرامية.
الا انه اصيب بجروح في هذه المعارك وخلال نقله الى المستشفى وهي معه في سيارة الاسعاف تبلغه قرارها بترك الوزارة للزواج به.
وينتهي الفيلم وهما في حفل زواجهما يتشاجران حول حقها في الخروج الى العمل ام لا.
وتعتبر شيماء محمد ان المؤلف تامر حبيب "خالف التوجهات التي تضمنها فيلمه السابق +سهر الليالي+ الذي اعتبر نموذجا راقيا للمفهوم الانساني في علاقة الرجل بالمراة المبني على التسامح" حسب قولها.
كما وجه الناقد السينمائي طارق الشناوي في حديث مع فرانس برس انتقادا للجانب المحافظ للفيلم معتبرا انه "كان يجب ان يفسح الفيلم مجالا لوصول هذه الفتاة المجدة والمتميزة الى منصب رئاسة الوزراء بدلا من ان نراها تترك العمل وتقرر البقاء في المنزل بما ينسجم مع منطق الرجل في الفيلم".
واشار الشناوي الى ان الفيلم "له ايقاع معين فلا تستطيع ان تقول انه فيلم كوميدي ولا عاطفي و لا اثارة انه خليط شابته ثغرة فنية في تطويل مساحة الاثارة والمغامرة في الفيلم لما يقارب ثلث الزمن الذي يستغرقه وكان يجب تخفيفه وتحويله للقسم الدرامي".